فرضت تكنولوجيا الإعلام والاتصال نفسها اليوم، حيث لا يمكن تجاهل هذا الميدان، أو الاستغناء عنه، فقد أصبح يحتل المقام الأول في التجديد البيداغوجي، ويتجلى ذلك في إسهامه المتنامي في موارد وأدوات شبكة التعليم و التعلم في مختلف أطوار التعليم في العديد من الدول.
وتشهد هذه التكنولوجيات تطورا لم يسبق له مثيل، فهي تتيح للمتعلم الفرصة لكي يصبح الفاعل الأساسي في بناء المعارف ؛ إذ لابد من التسليم بالقول، أن المتعلم اليوم هو منتج للمحتوى و ليس مستهلكا له، وهذا النوع من التعلم، يحترم هو الآخر الوتائر ومصالح الأفراد، ليكون مضمونه هادفا و أصيلا ؛ بمعنى أنّ استعمال هذه التكنولوجيا تسهّل عملية إيصال المعارف وتنمية الكفاءات. وبحكم المكانة التي تحتلها في عالمنا اليوم، فإنها تتطلب بالطبع أساليب تقييمية لقياس المعرفة المعقدة وتطبيقاتها.
وبما أن المتعلم مطالب دوما بالعمـل التـعاوني في سـياق مشـروع ذي دلالة في واقعه المعيش، فإنـه من الضروري الحديث عن إعادة البناء لمعارفه التي تتماشى والأسس الاجتماعية/البنائية؛ ذلك أنّ مساهمـة هذه التكنولوجية تسمح بإثراء المحتويات، فبواسطتها يمكـن للقسـم أن ينفتح على العالم،و تضـع بين يديـه إمكانات التحليق في هذا الفـضاء أو ذاك، ممّا يساعد المتعلم على الـذهاب إلى ما وراء سياق المدرسة وتجاوزها. وفي نـفـس الوقت بإمكان المتعلم إقامة شبكة من الشركاء وتكـوين فريق يتعامل معه بشكل مألوف، بل المثابـرة على التـعامل مع أكثر من شريك في شتى أصقاع العالم، والوصول إلى إحداث تجمع تربوي موسع.
ومن هنا، فإن لتكنولوجيا الإعلام و الاتصال أهمية بالغة، ومنها على وجه الخصوص موارد وأدوات شبكة الآنترنيت، إذ أنها
1- تجعل المتعلم قادرا على استغلال هذه التكنولوجيا واستعمالها كأداة عمل و بحث في ميدان الاتصال ؛
2- توقظ في المتعلم روح الفضول الثقافي، ومهارة التساؤل ؛
3- تسمح له بوضع أفكاره على المحك وجها لوجه مع أقرانه أو مدرّسيه، مما يمكّنه أيضا من تنمية محفزاته ودوافعه؛
4- تولي الأهمية البالغة لإدماج المعارف، أي القدرة على التنقل بين مختلف المعارف و إقامة روابط بينها و تنظيمها؛
5- تنمّي عند المتعلم الشعور بالمسؤولية والاستقلالية من جهة، والقدرة على التكيف، العمل الجماعي، التحليل، الحكم النقدي، الأخلاقي/الأدبي ؛
6- تشجع النشاطات الثقافية، عن طريق بيداغوجيا الاستكشاف، أو بالأحرى بيداغوجيا من أجل الإنتاج، بدلا من بيداغوجيا تراهن على "استهلاك المعارف".
وفي هذا السياق الجديد، ينبغي القول، أن للأولياء والمربين دورا مكملا وأساسيا؛ فإذا كانت مسؤولياتهم في تزايد فإنّ دوافعهم تختلف اليوم عمّا كان عليه الأمر في السابق حيث الخطى محدّدة وجاهزة وليس أمام المتعلم مجالا للتحرك .
أخيرا، إذا كانت المعرفة هي من صميم مهام المنظومة التربوية، فلا ضرر على هذه الأخيرة من الانفتاح على هذه التكنولوجيا لاستثمار محاسنها وإدماجها بغية تحسين طرائق التعليم والتعلم.
ذلك هو التحدي الحقيقي لإدماج تكنولوجيا الإعلام والاتصال في التربية، وهو ليس مجرد مشروع دراسة، بقدر ما هو أداة حقيقية في خدمة الفعل التعليمي/ التعلمي. وإذا كانت عملية إدماج هذه التكنولوجيا تحديا كبيرا وطريقا شاقا، فإنه سيسمح دون شك بالدخول إلى السبل الجديدة للمعرفة.